الجمعة، 3 سبتمبر 2010

معروفك لن ينسيني اصلي اصلي

معروفك لن ينسيني اصلي







لكل انسان في هذا الكون اصول تبنى شخصيته عليها ومنابع الاصول هذه هي التي يشب عليها المرء وتبقى محتفظة بالاصل مهما تغيرت الظروف الخارجية المحيطة فالاصل ثابت لانه مخبوؤ في الجذور ومكامنها وتكون التغيرات نسبية






والحقيقة ظاهرة في عمق الفلسفة وايضا في الهوامش البسيطة ولكن الجوهر ذاته على مقدار الفهم


وحكايتي تشرح فكرتي


يحكى ان شيخا جليلا من اهل الكرم تعرض في زمانه لموقف ورواه لاخريين وتوالت الحكاية من خلف الى سلف الى ان وصلتنا اليوم واحكيها انا للقراء ليعرفها من لم يسمعها ففيها الكثير من العبر






تعود شيخنا الجليل ان يقصد المسجد ليقيم صلاة الفجر حاضرا فيه فيكسب حسنة الصلاة من عند الله ويعود الى بيته مواظبا على الالتزام


وذات يوم وهو في طريقه الى المسجد سمع صراخ رجل يستغيث استغاثة شديدية فتوجه الى مكان النداء فراى رجلا مغوسا في الطين مخضبا بالجراح


يستغيث فاقبل عليه الشيخ واخرجه من الوحل


واسنده وصل به الى البيت فاغتسل واعطاه لباسا ودواه من جراحه


وساله الشيخ عن اصله وفصله فقال له انا عابر سبيل اجوب القرى بحثا عن عمل وقد اعترضني لصوص وسلبوني وتركوني على الحال الذي وجدتني به


فقال له الشيخ يابني انا رجل مسن اسكن وحدي في هذه الدار ابق معي الى ان تستعيد صحتك وبعدها اذهب حيث تشاء


وفي صبيحة يوم من الايام قام الشيخ ليذهب الى المسجد كعادته صباحا فتفاجاء ان الرجل قد رحل وسلب منزل الرجل العجوز في كل ما خف حمله وما زاد ثمنه


غادر قبل خيوط الفجر كالذئب الغادر حزن الشيخ على معروفه بهذا الرجل


وعلى كرمه الذي ضاع هباءا






ومرت الايام والشيخ مواظب على صلاته كل يوم


وفي صبيحة باكرة في طريق المسجد قابل هذا الرجل اللص فناداه قائلا بالله عليك اريد ردا على سوال وبعدها امض ولا اريد منك شيئ






فرد اللص اسال يا شيخ






فاردف الشيخ قائلا لقد انتشلتك من حافة الموت وقدمت لك الماوى والعلاج والطعام والشراب فهكذا يكون جزاء معروفي معك


وهكذا يقابل الاحسان بالنكران






ضحك الرجل ضحكة طويلة وقال


يا شيخنا الجليل انا اصلا لص وهذه حياتي


فان كنت تظن ان معروفك معي يجعلني انسى اصلي فانت رجل مخطئ تماما والا ساكون رجلا بلا اصل






فهز الشيخ راسه وقال له لقد علمتني حكمة جديدة يا رجل


اذهب الان فقد اجبت عما سالت






ومضى الشيخ وهو يفكر فعلا انه لا الفضيلة ولا الرزيلة تجعل الانسان ينسى اصله


الذي جاء منه






على الرغم من طول الايام فلا زالت تعلمنا وتحنكنا اكثر مما تعلمناه لقد اعطاني هذا اللص حكمة من حكم الحياة التي لا تقدر يثمن ودرسا اضيفه الى تركة المعرفة باحوال هذه الدنيا واخبر به الناس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق